المغرب للجزائريين حبيب / الجزء الرابع
الرباط : مصطفى منيغ
تنفيذ ما فكرتُ فيه يحتاج لحدوث مُعجزة لضمان نجاحه بالكامل ، وإقناع الرئيس الهواري بومدين أن المغاربة المقيمين في بلده شيء آخر عكس ما يصفهم به في جلساته الحميمية ، قادرون متى شاؤوا وضع حد لما طفح على سطح يظهر للمتتبعين جسامة الهجمة المُخطَط لها لتستمر زمناً كافياً لترسيخ عداء متطوِّر يجعل من المغرب خطراً على الأمن القومي الجزائري ويجب التنغيص على وجوده مرحلة بعد أخري ولكل منها خطاب يناسب شعوب دول افريقية بعينيها بإضافة بعض الفرنسيين المتحمسين لإتباع ما يجعلهم أقرب للنظام الجزائري بتكتيك ابتدعته أجهزة فرنسية خاصة مهمَّتها الحصول على المعلومات من مصدرها مباشرة لتتعامل الدولة الفرنسية على ضوئها في استخلاص مواقف أحياناً مُعلنة تخدم مصالحها لا غير . الهواري بومدين مُغرم بالدعاية كان يميل لتقليد ماوتسي تونغ في هذا الشأن، بلغة يفهمها الشعب الجزائري دون اكتراث أغلبيته بالمصدر المقتبس منه مضامينها ، مع انحيازه تارة أخرى لطريقة فديل كسترو زعيم كوبا الشهير ، في تحريك الإعلام لترديد نفس الأسطوانة ، ليرتبط الشعب بحقيقة واحدة ، أن كوبا هي كاستروا ، وكاسترو هو كوبا ، ولا شي بينهما إلا استمرار تطبيق تعاليم العداء لأمريكا ، تماما كما شرع في انجازه الرئيس الجزائري تعميما لشعار : الهواري بومدين هو الجزائر ، والجزائر هي الهواري بومدين ، وما بينهما سو ى تطبيق تعاليم العداء للمملكة المغربية .
... بداية عزمتُ على تكسير التوجه الإعلامي الرسمي بإحياء لغة الضاد داخل الإذاعة الجزائرية ، فكان مسلسل "الشيطان" الذي ألفتُهُ لتنتجه نفس المؤسسة الإعلامية الهامة ، في حلقات ناطقة باللغة العربية ، الجامع كل الممثلات الجزائريات والممثلين الجزائريين العاملين في ذاك الجهاز، والمخصَّص له ميزانية تتمشَّى ومتطلبات نجاحه ، وآليات لتسجيل مؤثراته الصوتية الروسية الصنع التي وفَّرها "استديو" شارع لاَ رُوشْ بادارة الأستاذ أحمد بولعواد ، وإسناد مسؤولية الإخراج للأستاذ الكيطاري التونسي الجنسية . في تقرير سري تمكنتُ من قراءته بوسائلي الخاصة رفعه جهاز المخابرات الجزائرية لرئاسة الجمهورية ، ما تشير إليه بعض الفقرات التالية المترجمة عن الفرنسية نقف على ما يلي :
" مسلسل "الشيطان" لكاتبه المغربي مصطفى منيغ جعل العديد من شوارع العاصمة تبدو شبه فارغة خلال ساعة إذاعته ، ويشكِّل الأمر ظاهرة أعادت للإذاعة الوطنية قوة الحضور الإعلامي بشكل ملفت للنظر . المسلسل سياسي في الدرجة الأولى يهدف لتغيير العقلية المسيطرة بأخرى أكثر ملاءمة مع جزائر الديمقراطية والتمتع بالمساواة بعد كفاحها لطرد المستعمر وحجم التضحيات الجسام البالغة المليون ونصف المليون من شهداء خيرة الشعب الجزائري ..."، حقيقة لم يكن هذا معبراً في العمق عن الفكرة الأساسية المشيّدة للبناء الدرامي المُصور بإيحاءات فنية مندسَّة بأسلوب مبتكر جديد خلف حوار يحتاج لذكاء المُتلقِّى حتى يفهمَ المكنون عن الحالة الإدارية للنظام في الجزائر ، لذا بقي السؤال يُطرح بعد الانتهاء من إذاعة المسلسل في حوارات مفتوحة مع مثقفين وبخاصة المسرحيين منهم ، عن مقاصد المسلسل بتقديم شبح غير مرئي متحكم في كل شيء . لم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل بلغ ما شجعني على الاستمرار في تنفيذ خطتي التي يحتاج نجاحها إلى حدوث معجزة كما ذكرت سابقا ، فبعد انتهائي من مناقشة مطولة مع الأستاذ الشيخ الدحاوي ذي المرتبة الموقرة والحضور الوازن داخل الإذاعة و التلفزة الجزائرية ، تخص المسلسل الجديد "الحقيبة السوداء" الذي رغبت في تقديمه لإذاعة وهران تحت إشراف مديرها ، رغبتُ في احتساء كوب قهوة ، اتجهت للمصعد الرئيسي وضغطت على زر التوقف ، ولما فُتح الباب لم تصدق عيناي ما ترى ، الرئيس الهواري بومدين مرفوقاً بآخرين يشير إليَّ بالدخول ومصاحبتهم حيت مقهى ومطعم المؤسسة ، وهناك طلب منى الجلوس معهم وسط استغراب الحاضرين ليسألني : ماذا تقصد بالشيطان في مسلسلك ، لقد تتبعتُ حلقاته بالكامل فلم اعثر على أثره هل اعرف من يكون بواسطتك كمؤلف للعمل ؟.أجبته بهدوء واختصار لم يكن يتوقعه : قد يكون الآن بيننا ، ولا أحد يعرفه . نهض وانصرف وهو يوجه لي الكلام : سنلتقي وبصحبتي الشيطان مقيّد اليدين .(يتبع)
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
No hay comentarios:
Publicar un comentario