martes, 28 de septiembre de 2021

كالأمْس، غداً تشرق الشَّمْس

كالأمْس، غداً تشرق الشَّمْس

بروكسيل : مصطفى منيغ

ما استمرَّ نظام حُكمٍ الشَّعب غاضب عليه ، كالحاصل الآن في الجزائر واليمن ولبنان وسوريا والعراق وفلسطين والسودان وأفغانستان والقائمة تطول عبر العالم داخل قَرّاته ، الاحتجاجات متواصلة وسجون الجزائر مزدحمة بالمحكوم عليهم جوراً من أبناء شعب المليون ونصف المليون شهيد لمجرَّد وقوفهم في مواجهة جبروت جماعة من قادة جيش أُحِيلَ بتوجيههم على محاربة أهله ، وكأنهم من كوبٍ آخر لا يهمُّهم بشر مكدَّس في دولةِ الفقرِ والجزائر كبلدٍ من أغنى بلاد العالم لو وُجِد مَن يُحسن تدبير شؤونه ، فأي ظُُلم أشرس ممَّا يُمارس منذ سنوات على شعبٍ دون أن يُواجه بما  لعبرةٍ يحوّله ، تُتّخَذ لتربية مَن يتحمَّلون مسؤولية حُكمِ شعوبٍ لا تَقِلّ قهراً عمَّا يتعرّض له الشعب الجزائري للأسف الشديد فوق أرضه . الدموع مُشكلة أنهار تُسكَب من مأقى اليتامى والأرامل والمسنِّين ورثة الشهداء الأبرار الذين أرادوا للجزائر الحرية والكرامة والعزة والسؤدد فإذا بها مبتلية بأصحاب البطون التي لا تشبع والتصرفات لأحَدٍ لا تنفع وللثروات بالنهب المُمنهج لذاتها تجمع وليُترَك الباقي لمصيره ، متشرداً حياً/ مَيِّتاً لا يقْوَى على محاربة أعدائه ، مِن جنرالات آخر زمن كبروا على مصِّ لبن فرنسا الاستعمارية لتتبناهم وتقذفهم للتّنغيص على شعبٍ جزائريّ أصيلٍ ما أشقاه بهم .

... السودان ، المُصاب بتجهّم الزمان ، بوجود سلطةٍ لا تُراعي حقَّ الشعب مهما كان الميدان ، كحرفٍ من حروفِ عَِّلةٍ تُمَيِّزُ بأَجْوَفِ فعْلِ "كان"، آخر إبداعاتها "انقلاب" لتحويل غضب الرأي العام لمسار الانتباه لخارج ملعب فرسان ، يتسابقون لاستغلال ما كُلّفوا بانجازه سراً من طرفِ الأمريكان ، لا تهم "شيوعتهم" ما دامت عير تابعة لا لروسيا ولا للصين وعقيدتهم غير خاضه لا لمكّة ولا للفاتيكان ، جماعة من "العسكريين" وجدوها سانحة للسطو على مناجم الذهب وما قد يعثروا عليه بالسَّاهل من لؤلؤ ومرجان ، كأن السودان أمام من يفرغها من رزق شعبها المصابة طليعته بالخذلان ، اعتقل الخوف بعض من أبطالها الشجعان ، والباقي داهمتهم موجة الصمت لتمنع اتصال يشعلها ثورة مجيدة لإنقاذ أشرف وطن ، أرادوا بالانقلاب توريط المخابرات المصرية بإيعاز من دولة عربية تموّل مثل المؤامرات لتتربع فوق رؤوس ما تسميهم بأقرب الخلان ، لتقتسم معهم خيرات نفس المكان ، الذي تحكمه معهم بدهاء فاق مكر الشيطان .

... لبنان، جميل الطبيعة والبنيان، ماذا اقترف شعبه الطيب الواعي المثقف

النظيف العقل الفصيح اللسان ؟؟؟، ليُعاقب بما يؤخّر ويخرّب ويفجّر ويروّع بال الإناث الصغيرات منهن كالكبيرات  بعد الشيوخ والصبيان ، أهو الانتماء الأعمى للطوائف مثل رئيس البرلمان ، مضاف لحزب تابع قلباً وقالباً لدولة إيران ؟؟؟ ، أم ضعف رئيس دولة اختار بين الشعب والمصلحة الذاتية الأخيرة ليُنهي ما تبقَّي له من عمرٍ في أمان ، مُتناسياً أنَّ الرُّتَبَ العسكرية مهما مجّدت حاملها لا ترقَى على موقف مهما كان قصيراً من رِضا أو سخط الشعب الموحَّد الأركان ،  فلا قيمة لمن جعل أيادي لبنان لتتسوَّل القوت من نُظُم الطغيان ، الملطّخة ضمائرها بدم الأبرياء في سوريا كاليمن .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

 

martes, 27 de abril de 2021

المغرب للجزائريين حبيب / 23

المغرب للجزائريين حبيب / 23

الرباط : مصطفى منيغ

لم ينتبه أحد من دارسي ومحلّلي تلك اللجنة الجزائرية المُعيَّنة من طرف دوائر عليا في تلك الدولة ذات النظام "البُومْدِينِي" ، المسؤولة على فحص وتمحيص مسرحية "المسيرة الحمراء" لتحصل  على ترخيص . لم ينتبه أحد للشكل الهندسي الذي جاء به تصميم النَّص ، الرَّابط في حواراته المكتوبة من أول كلمة لآخرها على الإطلاق ، متماسكة أشدَّ ما يكون التَمَسّك بوجود شخصيات أربعة أساسية ، قائمة على ترديدها مرافقة تشخيصٍ يجعلها طارقة عقل  المتتبِّع المتفرِّج ، بشكل يُقَرِّب له المعنى ويذهب به للوقوف على الهدف المحوري ، القائم من أجله العمل الضَّخم بكل أدواته المادية والبشرية ، ذاك التماسك الفارض حضور الممثلين الأربعة على الخشبة ، إن غاب أحدهم غابت المسرحية بالكامل ، وانهار ذاك العمل انهياراً مدوياً ، يتحوَّل في لحظة وجيزة لمسخرة يطال الذهول منها كل الحضور ، بل تنقلهم الصَّدمة إلى خذلان يفرض على النظام "البومديني"، (المعروف عنه الصرامة المفرطة ، والرقابة الشديدة ، والتدخل المُرَوِّع المُفزع ، في كل صغيرة وكبيرة ، ليظلّ الحكم أُحُدِيّ الجانب بين يدي رئيس اعتقد أن شمس قيادة الجزائر العظيمة لا تشرق إلاَّ عليه) يفرض الحالة المُبكِية المُضحِكة ، الدافعة لطرح السؤال الملخِّص تلك الكارثة ، التي ما دارت في لبّ عباقرة أذكياء المخابرات الجزائرية بكل أصنافها وميولات ولائها والاسم الرسمي الذي تتميَّز كل منها عن الأخرى ، المتَّحدة دون استثناء على خدمة فخامة الرئيس ، والحفاظ على كرسيه وسمعة حكمه، مهما كان الطرف المحدود الحجم  أو الكبير ، فكر مجرد تفكير في المسّ بما ذُُكِر بأي وسيلة تدخل سرّية كانت أو علانية .

... كما ذكرتُ مرات سابقة ، الفكرة الصائبة تحقِّق أحياناً ما قد يتخيلها البعض بالمعجزات ، وما هي بذلك بل مجرد تخطيط يُحْسَب تقدّم تنفيذه على أرض الواقع بخطوات ، كل منها مختصَّة بمرحلةٍ واحتياجاتها ، ومقدار المجهود المبذول خلالها ، ليلحَق الأخريات من خطوات ومراحل ، في تناغم لا يتسرَّب بينها شك أي طرف أكان موالِياً أو مُعادياً ، ما دام أحد زعماء النّضال المختوم بالنجاح يُلقَّب بعدم الثقة ، الفارض السريَّة المرئية ، العاكسة غير المعنى الحقيقي ، لدى خبراء البحث الدقيق عن الأسباب قبل وقوع ما كانت في حدوثه السبب ، داخل معركة نفسية مترامية الاتجاهات ، حينما تتحوَّل لمساحات مبسوطة أمام عقولٍ عَمَلُ أصحابها اليومي ، إيقاع الواقع قبل وقوعه ، فيأتي الجواب العريض الطويل على شكل سؤال يحتاج لجواب مقنع ثاني المفقود أصلا في مثل المضمون لدى النظام الجزائري مهما عَصَّرَ فكره ، كيف يمكن لدولة لم تستطِيع إنجاح مسرحية تمجِّد رمز نظامها ، محاطة بعنايتها القصوى ، فخورة بانجازها في مكان محصن بقدراتها ، العسكرية والأمنية داخل أرض الجزائر ، أن تنجح في مسرحية عدائها للمملكة المغربية وهي تسترجع أقاليمها الصحراوية بنظام وانتظام وتخطيط عبقري لن يصل لسر من أسراره فخامة الرئيس الهواري بومدين لا يومه ولا غدا ؟؟؟ ، وليسأل الأخير نفسه إن كان حاله مع مواطن مغربي واحد على الشكل الذي تم ، فما سيكون حاله مع 360.000 من المغاربة المتطوعين بقيادة ملكم ، المحفوفين برعاية الرحيم الرحمان القادر على كل شيء سبحانه وتعالى ، وهم في الطريق لتحرير أرضهم الصحراوية  بطريقة سينحني العالم إجلالاً لها على مر الأحقاب والعصور ؟؟؟.

... لم تكن تلك أمسية عادية بل أَرّخَت بداية أطول أربع وعشرين ساعة في مجرى حياتي حتى الآن، وُضِعْتُ أثناءها أمام امتحان ، أعْسَر من العسير، وتحدِّي أكبر مِن الكبير ، إما أن أجتازه بتفوق جدّ حسن ، أو بقبول يستحق التقرب من نفس التفوُّق بدرجة مستحسن ، دون إخفاق الغير مطروح بتاتاً ، حفاظاً على حياتي وحياة الذين تحمَّلتُ واجب التضحية بنفسي ولا يدركهم أقل ضررٍ برفقتي أو بعيدين عني . أمسية جعلت بيني والخوف جدارا من فولاذ غير مُخترَق بعامل ارادة أشرَكت كل خلايا بدني في حالة طوارئ قصوى ، مضبوطة على تلقِّي أسوأ الاحتمالات وتخرج منها أقوي ممَّا هي عليه من الصمود ولا شيء سواه .  أمسية أذناي لم تسمع خلالها غير زغاريد الفرج تستقبلي ومَن معي ، في الضفَّة الأخرى من خندق "زُوجْ بُغاَل" . أمسية بدأتُ ساعتها الخامسة بعد منتصف نهار الثلاثين من شهر أكتوبر سنة 1975 ، المشهود بلقاءٍ صَراحَةٍ وضبط الانتقال النهائي لما بعد تنفيذ العمليَّة ، مع الصديقين (ب/ع) و (ب/س) مخاطباً إياهما في مكان معيَّن بشاطئ "لامدراغ" :

- لكل بداية نهاية ، مهما كان المُراد منها ، ومهما سعت إليه ، خيراً على فرد كان أو دولة ، بداية نضال محركته فكرة ، على طريق معبَّدٍ بتخطيطٍ مُحكمٍ منغَلِقٍ بحِكمَةِ واضِعِهِ على الكِتمان التَّام لأهمية تشعُّبِ الوسائل المُستعملة للنهوض به صرحاً ، لا يتهاوى مهما كانت الزوبعة المضادة مشحونة بتيار الانتقام ، العازمة على استئصال ما أسَّسه (ذاك النضال) على ارض الواقع من أوتادِ متابعة (لا تفتر المجهودات المبذولة أثناء مرور مراحلها الواحدة تلو الأخرى ، المطلوبة على أحسن ما يُرام) ماسكة بخيمة تحتضن عمليَّة النهاية ، أنتما بما تشخّصانه من خلال الحوار الطويل المفروض أن تواكبا به أحداث مشاهد مسرحية "المسيرة الحمراء" برمتها ، ما بالكما إن غبتما ومعكما الباقي من أربعة ممثلين عن أداء الأدوار الأساسية فيها ماذا سيحصل ؟؟؟ ، ألا يشكل ذلك انهياراً كاملا للعمل ككل ، وضربة للرئيس الهواري بومدين وزمرته ، ما كانت على خاطرهم أن تقع بهذا الأسلوب القائم على فكرة لها بداية ونهاية ؟؟؟.

- كيف سيتمّ الانسحاب والمفروض أن نكون هناك غداً في الرابعة مساء ليرتفع الستار في السادسة تماما ؟؟؟. وحتى لو تمكنَّا من الانسحاب أين سنتَّجه ، لابد أن الأجهزة الأمنية ستتعقَّب خطواتنا لتعتقلنا ، وما سيجري بعدها أنت ادري به منَّا ؟؟؟ . سألني (ب/ع).

- قبل ذلك أثير انتباهكما ، أن ممثل البوليساريو المؤدي دوره مُلوحاً بعلَم تلك الجماعة الانفصالية ، سيلتحق بكما في الطابق العلوي لمقر شارع الكولونيل لطفي ، انطلاقاً من منتصف الليلة ، وفق اتفاق دار بيننا صباح هذا اليوم ، وعلى الأخ (ي/ب) إحضار القنينة التي مدَّكما بها القنصل العام ، ولن أصيكما بما أنتما قادران على تفريغ ذاكرة ذاك الشخص من كل المعلومات المطلوبة ، دون أن تهتمَّا بمن سيسجلها ، وإياكما أن تقلدا ذاك "القيادي" في تجرُّع ذاك السائل بل على رسلِكما ، حيث ستحتاجان لكامل قوتكما العقلية لتنسحبا مع آذان الفجر ، لنلتقي في المكان المعلوم حيث أكون قد دبرت لكما سيارة تغادران بها تلك اللحظة ذاتها ارض  الجزائر ، لتعانقا نسيم أرضكما الطاهرة ، داخل وطنكما الغالي الشريف المغرب .(يتبع)

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

https://australia-mjm.blogspot.com

 

المغرب للجزائريين حبيب / 22

المغرب للجزائريين حبيب / 22

الرباط : مصطفى منيغ

- أَنَا هُنا من أجل غاية ما أَصعبها على فهمكَ، وأنتَ ما أنتَ عليه مِن حَسْمٍ لموقف لا تعرف حتَّى عمق خطورته عليكَ. وطننا جميعاً المغرب ، وإن تناسينا حقَّه علينا بالبقاء هنا في مثل الظروف ، وبشروط نظام الرئيس الهواري بومدين ، مهما وصلنا سنكون دوماً هؤلاء الغرباء ، الذين بدَّلوا مقامهم الشريف براتب ونجاح ، سيتوقَّفان أصلاً إن توقَّفت لوازم العمالة بالخنوع لتقديم ما شاء ذاك الحاكم السيد ، لأننا في نظره سنظل مجرَّد عبيد ، عليهم الطاعة العمياء مجبرين ، لا حقَّ لهم في الكلام إذ الأمر صادر لهم من البداية بالْتِزامِ الصَّمت ، ما دامت قيمتهم لا تُساوي نصف جزائري ستكون ، على العموم أترككَ صديقي للنوم بعدما انقضى من الليل نصفه، وغدا سيكون لنا اللقاء/المرجع، مهما طال أو قَصُرَ الزمن عن هذه اللحظات الرهيبة ، التي نحياها ولا خيار أمامنا إلاّ الاستمرار ، ما دام التوقُّف عمَّا سنقوم به ، سيكلِّفنا ما لم نتمكَّن من حكاية تفاصيله فيما بعد إذ سنكون تحت الثرى .

... بعد تناول وجبة الفطور في الصباح الباكر، خرجنا وطريقنا صوب القنصلية العامة للمملكة المغربية بالجزائر العاصمة ، في "فيلاّ" مكشوفة للطَّابق الثالث الكائن في عمارة مقابلة تحسب آلياتها المتتبعة ليل نهار مستجدات ما يحدث داخل ، وفي محيط تلك المؤسسة الدبلوماسية ، التي زادها السيد (م/ب) القنصل العام ، ارتباكاً على ارتباك بما أعلنه لي ساعتها ونحن داخل مكتبه ، عن تخوّفه من حماقة قد يرتكبها جانب جزائري تحمَّس أزيد ما يكون حماس الغضب المترتِّب عن سكوت وتشجيع بعض السلطات الرسمية له بمهاجمتنا ونحن لا نملك من وسائل الدفاع عن أنفسنا ، كما ترى أستاذ مصطفى إلا أجسادنا ، خاصة والسفير السيد "السنوسي" غائب من مدة ، والاتصالات الرسمية مع المغرب مقطوعة ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم . كان يتحدث إليَّ فأتخيّله ذاك الموظف لدى وزارة الداخلية بدرجة "باشا" على مدينة "القصر الكبير" الواقعة في الشمال المغربي ، متعوِّدا على حصانة الحماية الدائرة به صباح مساء ، أتخيله ولا أستطيع التحكُّم في ضحكة عبرت بها عن موقفي الواضح الصريح ممَّا وقفتُ عليها من حالة رُعب ، ما توقعت أن تجتاح مسؤولاً في مَرْتَبَتِهِ الموقرة بقوة القانون الدولي .

... تعمّدت التوقف لبضع دقائق أمام تلك المؤسسة الدبلوماسية التابعة لبلدي حتى يتمكَّن مَن يراقب في ذاك الطابق من تلك العمارة المقابلة ، من التقاط صوري ومن زوايا مختلفة ،لسببٍ أنا على دراية تامة بما سيترتَّب عليه ، وحتى أكون في مستوى أمانة نقل الأحداث المُعاشة بما تخلّلتها مِن حقائق ، لا يمكن القفز عن ذكرها أخص بالذكر ما انتبهت إليه (ونحن نقطع المسافة الفاصلة بين موقعنا والمكان المذكور) والأخ (ب/ع) تبلّل وجنتيه دموع يذرفها متأثرا أشد ما يكون التأثر ، فسألته :

- لما تبكي؟؟؟.

- إلى أين نحن ذاهبون ؟؟؟. أجابني.

- إلى حيث نجتمع نحن الثلاثة ، فنخرج منه كما دخلناه بنفس العدد، أو باثنين منا فقط .

طلبت منه أن يُكَفْكِفَ عبَراته ، مطمئنا إياه أنني سأتصرَّف بما أراه يُتمِّم الرحلة لإنجاح العملية بأقل توتر ممكن ، حتى نعود نحن الثلاثة من حيث انطلقنا للاجتماع من جديد مع الأهل الأحبة  فوق أرض المغرب الحبيب .

...فُتِحَ لنا الباب ليستقبلنا السيد (...) طالبا منا أن نتبعه لغاية مكتب الإضاءة داخله توحي بأمور قد تقع غير لطيفة ، بدون تضييع للوقت توجه بالحديث للأخ (ب/ي):

- الوطنيَّة مُكلّفة للغاية حينما تلتصق بشغاف قلب متشبث خفقانه بعشقها ، فلا يرى سبيلاً قويماً يقطعه ما وُجِد إلاَّ بها  كمنتسب لوطن يعتز به ، الوطنية الصادقة الغير ملونة بما تتخَفّى به الحرباء ، لتُوهم القادم والخطر عليها يتلألأ من منظره المخلوق به طبيعياًّ دون زيادة أو نقصان ، الوطنية المترفّعة على المصالح الذاتية مهما كانت وكيفما بلغت قيمتها المادية . لقد كنت مساء البارحة قبل السابعة وبعدها لغاية الفجر في إقامة الأستاذ مصطفى منيغ بطلب شخصي منه فهمت قصده المتعلّق بتأمين المكان حيث تجتمعون ، وتركه خاليا من أية آلة تسجيل أو تصوير موضوعة هناك بفعل فاعل ، تُستَغَلّ مضامينها لفائدة من تعرفونهم جيداً.فسمعتُ ما ذكرته أيها الأخ (ب/ي) فعز علىّ أن يأتي ذاك الكلام من شاب مثقف مثلك ، يتمتَّع بطاقة عقليّة سليمة ، ولا يرضى لدولته المملكة المغربية أن يمسّها ضرر من أي حجم أو مصدرٍ كان، وحتَّى أضعكَ في الموضع المفروض أن تُوضعَ داخله ، من الواجب عليَّ أن أحيطك َ ببعض المعلومات لتحكُم بها على نفسك بما ستحكم وبالعدل طبعاًَ ، معلومات غائبة حتى هذه اللحظة عن الأستاذ مصطفى منيغ نفسه ،  الرئيس الهواري بومدين طلب اللقاء به نصف ساعة قبل عرض المسرحية المعلومة ليمده بغلاف داخله شيك مصرفي بمبلغ 50.000 دولار أمريكي يتسلمه بنفس العملة الصعبة ، وحينما تتحدثُ أنتَ أيها الأخ عن الراتب الشهري ، الأستاذ مصطفى منيغ يتوصل بتعويض مالي يقارب قيمة أربعين دولارا عن الدقيقة الواحدة ، لإنتاجه المُستغرق بثه على الهواء ، لساعات على امتداد حلقات بواسطة الإذاعة والتلفزة الجزائرية وفق عقد رسمي موقع بينهما ، بالإضافة لمبالغ مالية يتوصَّل بها بين الحين والآخر نتيجة إبداعه المُستغل من طرف الرئيس ذاته ، وبخاصة ما شارك به كتنظير للثورات الثلاث الفلاحية والصناعية والثقافية . مقارنة مع الراتب الذي تتوصل به أيها الأخ من وزارة العمل بواسطة فرقة كاتب ياسين ، المحدودة العمل داخل الجزائر كحقيقة مرجعية ثابتة ،، مقارنة لا تجوز مهما كانت المقاييس ، ومع ذلك الأستاذ مصطفى تخلَّى عمَّا يعرفه ، ومَن كان حتى اللحظة لا يعرفه ، سبيل الوقوف بجانب وطنه ، وبَدَلَ أن تقفَ بجانبه تحاول خلق معارضة لما رتَّبَ له ، طبعاً الزيارة التي قامت بها زوجتك المحترمة الشجاعة ، التي طرقت عليك باب حجرة مقر شارع الكولونيل لطفي ، المفروض أن تكون رغم قصر مدّتها ، قد تركت في نفسيتك انطباع الحنين للاستقرار بمدينة "وجدة" بوضعية أفضل وأنت أحد أبطال المعركة التي خططَّ لها وقادها هنا في الجزائر الأستاذ مصطفى منيغ ، فما قولك ، خذ حريتك في الكلام .

... قاطعتُ السيد (...) قائلاً :

- ّأَصْلُ الصديق (ب/ي) الطيّب الأصيل لن يقذف- َبه خارج المسؤولية التي تحمَّلها اتجاه نفسه وأسرته الصغيرة وبلده المغرب ، بالتأكيد الخوف من الغد وحاجيات الغد تؤثر في توازن التعقُّل للحظات فقط وليست في العقل ، المتزن القائم بتوجيه المشاعر نحو الخير والصلاح وحب الوطن ، قرأت بعض المسرحيات التي كتبها ، فوجدته نعم المفكّر الذي يرخي العنان للتفلسف تارة ، لكن الزورق يقوده بأمانة لضفة النجاة ، لنحسبها وقفة عابرة أخذها الأخ للتيقُّن أنه واحد منَّال ولن نتخلَّى عنه ، لي اليقين أنه على استعداد من الآن ، للقيام بما سأكلّفه به ، ولك كل الشكر إن سمحت لنا التحرُّك لما ينتظرنا فيما بقي من وقت .

... اتجهنا لمكتب القنصل العام الذي استقبلنا بما يؤكّد تقديره لنا ، متتبِّع مجتهد وجدته كي لا يفوته أي شيء ممَّا أحَضِّره شخصياً لأمر يهمّه جيداً أعلم علم اليقين  سببه ، إنما هو الصبر الجميل ، وغدا نلتقي في المغرب بمشيئة الله ، وأصارحه بمخاوفي كلها من ناحيته ، المهم طلبتُ منه أن يُحضِرَ للأخوين قنينة شراب رفيع المستوى ، التي بحثت لاقتنائها من شارع طنجة بالعاصمة ولم أجد لها أثرا، فثمّة سهرة ذات معنى مع ممثِّل البوليساريو يُخصَّص سائلها لجوفه ، فيتسامح عقله مع ما سيصرِّح به لسانه بسخاء ، حول تلك الجماعة وهي في المهد ، غاب لحظة عاد بعدها بقنينة لا مثيل لها في السوق، موزّعة خصيصاً على المؤسسات الدبلوماسية، لتقديم فحواها لكبار الزوار الأجانب، عربون مجاملة معمول بها في مثل المستويات.(يتبع) 

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

 

المغرب للجزائريين حبيب / 21

المغرب للجزائريين حبيب / 21

الرباط : مصطفى منيغ

بمرافقة كاتب ياسين حضرتُ اجتماعاً مُغلقاً بمقر وزارة العمل الجزائرية ، حيث التقيتُ للمرة الثانية مع الجنرال (...) بعد الأولى التي تمت بيننا على مشارف تندوف ، في البداية تحدث السيد الوزير عن الامكانات المعتبرة المخصَّصة لإنجاح مسرحية "المسيرة الحمراء" التي سَتُدَشِّن بها الجزائر حملتها ، الرامية لإظهار ما يحاول مغرب الحسن الثاني القيام به ، لوضع اليد على الصحراء الغربية ، كأنها يتيمة الأهل ، ولا أحد فيها قادر على إيقاف مثل المغامرة ، التي لن تجرّ على الشعب المغربي إلاَّ المزيد من المشاكل تضاف لما يحياه من ضيق ، في جو مختنق لا مكان فيه للديمقراطية ، بل التعسّف يسود تسيير الشأن العام ، بكيفية آخرها انفجار لا محالة ، فكان على الملك الاتجاه لمعالجة الحالة الصعبة التي أوصل بها البلد الجار ذاك ، بدل الاتجاه لاعلان حر ب ، المنطقة في غنى عنها ، على مجموعة من الصحراويين الراغبين في تأسيس دولتهم حرة مستقلة ، المسرحية جاءت في وقتها منحها المؤلف  الأستاذ مصطفى منيغ ما تستحق من وسائل تعبيرية رائعة توصل المعنى لأذهان العامة بشكل سهل مُشوِّق للغاية ، كما أخرجها الفنان الكبير الاستاذ كاتب ياسين ليبقى انبهار مَشاهدها راسخاً في عقول المتفرجين من كل الأعمار ، وهم مقتنعون بعد المسرحية ، أنهم والصحراويون الموجود ممثلهم بيننا يدا واحدة ، للوقوف سداً منيعاً أمام أطماع الملك المغربي . لقد أخبرني الاستاذ ياسين أن أعمال الإخراج انتهت البارحة ، ليعطي الممثلين عطلة يومين للراحة الكاملة ليؤذوا بعدها ما تحمَّلوه من مسؤولية تشخيصه على الخشبة ، بأحسن ما يستطيعون تقديمه ، تقديراً للجزائر واعترافاً بصواب قرارات فخامة الرئيس المتخذة لصالح الصحراويين ، الذين عاهدهم بكل صنوف المساعدة المادية قبل المعنوية، حتى الآونة التي يرفعون فيها راية دولتهم ترفرف في "العيون" وكل الجهات التابعة لها . بعد ذلك تدخَّل الجنرال بكلمة قصيرة لكنها عملية من حيث الأمر المنقول بواسطته إلى الاجتماع بكل الحاضرين فيه  (الأربعة و الثلاثين من النساء والرجال) شركاء في تنفيذ مشروع المسرحية الضخم على أرض الواقع ، وفي الطليعة من ينتمي  منهم للأجهزة الأمنية العمود الفقري للنجاح المنشود حسب تعبيره ، من القرارات المتخذة بمباركة الرئيس الهواري بومدين نفسه أن يتم العرض مكرراً على مرحلتين ، الأول يحضره رئيس الجمهورية وما يدور في فلك نظامه من وزراء في الحكومة ، وكبار موظفي مؤسسات الدولة المدنية منها والعسكرية ، بحضور الإذاعة والتلفزة الجزائرية لا غير ، لتسجيل المسرحية كي تعرض كمرحلة ثانية ، على العموم محلياً داخل الجزائر وخارجها مهما بلغ البث عبر العالم ، ليوم واحد قبل انطلاق مسيرة الملك الحسن الثاني ، أما التوقيت الرسمي للعرض الأول يبقى في حيّزٍ ضيِّقٍ لشأن احترازي يتعلق بالأمن . كنتُ من "الحيِّز الضَيِّق" المُبَلَّغِ بالتوقيت المضبوط ، إذ كانت رغبة فخامة الرئيس  اللقاء بي وكاتب ياسين لأمر هام نِصْف ساعة قبل العرض ، بالإضافة لمعرفة المكان الذي يشهد ذاك النشاط التاريخي عير المسبوق أبداً .

بانتهاء الاجتماع حدَّدتُ العَدَّ التَّنازلي للقيام بالعملية ، التي بقدر ما تتراءى معقَّدة صعبة المَنال لحظة الصفر ، إلا أننَّي كنتُ والتفاؤل على مستوى واحد ، نرى النجاح يبادلنا التهاني في أرض غير الأرض ، ونفسية راضية تماماً ، وراحة يعكسها الضمير انتصاراً للحق على الباطل ، ويحسبها التاريخ مرحلة مفصليَّة بين تعنُّت جزائري رسمي خارجٍ عن الصَّواب ، ووقفة تعقل تلوح أثناءها أيادي مغاربة ثلاثة في عرس النجاة ، بلغة يُصَدّرها المنتصر للمهزوم بغير تَشَفِّي ، ما دامت المعركة الفكرية لن تنتهي ، لم يكن حُلماً ما تبادر لذهني وأنا أتفحَّصُ المكان المعدِّ للعَرْضِ بتبات المُقبل على حربٍ نفسية أكثر شراسة من المُسلَّحة  ، وحِرْص الفاقد صحبة أي طرف آخر، لأنتهي كما بدأت وحيداً ،  أحرِّكُ الخيوط الواصِلَة بعض أشخاص حتى تلك اللحظة (وعدَّاد العد العكسي يقطع مسافة الزمن المُتبقَّي دقيقة بأخرى) لا يعرفون شيئا عمَّا انتظرهُ منهم ساعة الحسم ، والذين إن تجاوزا ما سأكلِّفهم به فقدوا ما يملكون في رمشة عين ، لن يكون أمامهم سوى التنفيذ بنظام وانتظام ، ولن ينعموا بأي منفذٍ آخر إلاَّ معي ، القضية أكبر من أي مناقشة سيحاولون بها فهم أزيد ما أريدُ أن يفهموه لا أقل ولا أكثر ، مادامت اللحظة الصفر تتطلََّّب الإصغاء التام لمن يقود المسألة ولا أحد سواه .

... لأبدو عادياً حيال مَن يتعقَّب تحركاتي ، قصدتُ المقهى التي عوَّدتُ الكثير رؤيتي داخلها ، وهناك وجدت "الشيوعي" الذي اعتمدت عليه ليكون العين المتتبِّعة لما يجري داخل مجموعة الممثلين ، ليخبرني أن السيد (ه..) حضر لمقر شارع الكولونيل لطفي صحبة فتاة من نفس مدينة الدار البيضاء ،  لمصاحبة الصحراوي القائم بدور ممثل البوليساريو ، ليستمر الحديث بينهم لغاية نفاذ محتوى قنينة السائل الأصفر الذي تجرعوه ، وضحكاتهم تتسرَّب للطابق السُفلي في نشوة سُكارى لا يعبؤون إلاَّ بلحظة سعادة كاذبة يعوضون بها كبتهم الجارف لما يجرف إليه ، تحدَّثوا في كل شيء إلاَّ عن المسرحية التي أوصى كاتب ياسين بجديّة عدم الخوض في موضوعها مهما كانت لأسباب ، وبخاصة مع غرباء عن مجموعة العمل المكلفة بانجازها . عرفتُ الشخص المعني وسأتحدَّثُ عنه بما يمكن من التفاصيل لاحقاً إن شاء العلي القدير سبحانه . من المقهى توجهت مباشرة لزيارة  الأخوين المغربيين اللذين اتخذا حجرتين في نفس المكان مقراً لإقامتهما مؤقتاً ، لأطلب منهما اللحاق بي حيثُ يعرفون  في "لامدراغ" ، تمام الساعة السابعة مساء لأمرٍ يخصُّهما في الدرجة الأولى ، بالفعل حضرا في الموعد المحدَّد بالدقيقة ، وهناك في حجرة اتخذتُها مكتباً خاصاً بي ، شرحتُ لهما الموقف والمطلوب منهما القيام به جملة وتفصيلا ، خدمة لوطنهما المغرب و تلبية عملية لنداء الملك الحسن الثاني أن تكون المسيرة التي ابتدعها ، "مسيرة خضراء" ، لتحرير المغاربة  أجمعين على ضوئها أراضيهم الصحراوية المحتلة من طرف الاسبان . قاطعني (ب/ ي) :

- أَتدري ما يعنيه كلامكَ بالنسبة إلينا ؟؟؟ ، أن نهدم كل ما شيَّدناه هنا في الجزائر من أُولَى خطوات النجاح الحقيقي ، في الميدان الذي عشنا كل عمرنا نحلم به ، والأمَرّ بل الأدهى أن نخسر الرَّاتب الذي نتوصَّل به هنا شهرياً ، المعادل لراتب سنة هناك في المغرب ، إن حصلنا فيه على عمل يساير طموحاتنا الفنية . لا نُنكر أنك أستاذ أوصلتنا لما نحن فيه الآن ، من مكانة قابلة للتطوُّر الايجابي ، فلما تريد إعادتنا للمثلث البئيس الذي كنا نتخبط فيه .

- أجبته مبتسماً ابتسامة غير حقيقية ولا هي صادقة ّ:

- أسمعكَ تتحَدَّث بصيغة الجَمْع، مَن معكَ على نفس النَّغمة والمقام يغني ؟؟؟ ، أم تحاول تضخيم موقفكَ المبني على خطأ فادح قد ترتكبه دون وعي ، تخسر به حاضركَ ومستقبلكَ ، أنتَ لا تعرف الجزائر الرّسمية ، إن كنتَ تبني مجدك على الإقامة بين أحضانها ، وهي على ما هي عليه ، من عداء مكشوف لبلدكَ المغرب.

أجابني بحدَّة المدافع عن رأيه متحدِّياً في اصرار عجيب ما يجهله :

- إن كان الأمر كما تدَّعِي ، لما أنتَ هنا ؟؟؟. (يتبع)  

          مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

 

المغرب للجزائريين حبيب / 20

المغرب للجزائريين حبيب / 20

الرباط : مصطفى منيغ

في مثل الوضعية التَبَصُّر وحده لا يكفي ، مادام التأمُّل في حاجة لوقت طويل وقد ينتهي دون فائدة  ، وإن كانت البصيرة جزء مضاف لمن أخذ لذاته مفتاح معالجة مزلاج الأبواب الصعبة لفتحها بالفطنة  ، والولوج لمعاينة ما تكدسَّ خلفها بالخبرة ، بحثاً  عن المُرتقب  مواجهته في يوم من الأيام ، بحماس أعمى  يقوده الخوف إلى معترك المجهول ، ليَصْفُو الخاطر بإحدى الواقعتين آجِلاً أو عاجِلاً ، الصَّمت عن وصف ما حدث بغياب كمصابٍ جَلَل ، أو التحدُّث بلغة المنتصر عن تَشعُّب ِالوسائل المستهلَكة الغالية ، كالدم النازف عن طيب خاطر ، مندفعاً لبريق الوفاء للوطن  ، أو النفيسة كالعرق المصبوب من جسدٍ مرفوعة حرارته بما بَذَل صاحبه من مجهود خرافي مدفوعاً بشعاع الإخلاص لنفس الوطن خلال أقصر كأطول زمن . بالتأكيد طاقة الإنسان في عقلٍ يُنبِّهه بالابتعاد  ، إن ظَهَرَ الزَّاحِف نحوه ، في قوة هَدّ العشرات من الرجال مثله ، دون امتلاك (ذاك المُعتدي) سِمَة التبصُّر ولا ميزة البصيرة ، بل هو أنمل يضغط به على زناد لتتناثر أشلاء الأبرياء (المدافعين مهما كان الأسلوب المشروع عن حقهم الشرعي) تناثر قشّ في الهواء ، يُسقطها الريح جُزْئِيات متى هَدَأ . ومهما تواضعت "المثالية" وانحنت تُطَبْطِبُ على عقولٍ مشحونة برغبة القضاء على مناجم الظُّلم المحتلة مواقعها في صدور الظالمين ، عساها تؤجل (تلك العقول) غضبها ليوم استكمال عدَّتها وعتادها ، لن تحرز إلاّ على لحظة إصغاء ، تَمرّ بسرعة ما دام الزاحف ذاك المُعتدي الظَّالم ، لا يسمح بأي استرخاء أو تنازل عن مواجهته ، وإن خلت أصلاً من معادلة الند للند ، فلستُ غير فرد سلاحه فكرة ، وقوته إرادة ، وتخطيطه شهادة أنه منتمي لبلد الكرامة والدفاع عن النفس بأسلوب متحضّر ، مسؤول عن ضمان الدخول لمغارة نظام جزائري مستبدّ ، والخروج منها سالماً بالعقل المُتقن أُسُس التبصّر  ذي المردود الفوري،  والبصيرة المعززة بفعل الخير وإتباع قِيَم الحق المرتبط بحقوق الإنسان المغربي المناضل الشريف ، في تلك الدولة الجزائرية التي لا تحترم وطنه ، المتنكرة ألف مرة لما أسداه لصالحها من خدمات وبالمجان ، ليقوم لها حِسّ تتباهى به بين الدول المستقلّة آنيا ، لذا الحكمة تقتضي التحليل المكثف الانتباه ، والتركيز وصولاً ولو للمعرفة النسبية  المُتَّخذة خطوة متبوعة بثانية وثالثة وعاشرة ، حسب اجتهاد فكري حاصل لا محالة ، على دلائل ملموسة ، تُوقِف ذاك الصحراوي خلف عصابة لا ولن تنجح ، مادام ارتزاقها ممزوج بالعمالة لبلدٍ همَّه الأهمّ السيطرة على الصحراء المغربية ومَن يملكها المغرب ، المخابرات العسكرية الجزائرية ليست من السذاجة حتى تسمح لذاك الشخص بإعطائي حقيبة  تتضمَّن وثيقة من ذاك الصنف ، اللهم إن كانت العملية من تدبيرها المباشر ، ما يؤكد لي ذلك أن نفس الوثيقة / التقرير ،  معدَّة ممَّن تمتَّع أثناء كتابتها بخاطرٍ مريح ، يقتفي أثار العِبارات المتناسقة مع الجمل المسخَّرة لجلب رد فعل قارئها ، للوقوع في مصيدةٍ لا تليق بحرصه الشديد عن عدم وقوع تلك المؤامرة الدنيئة . وهذا في حد ذاته طمأنني أن ذاك الجهاز الأمني الخطير ، لم يتمكن من وضع اليد على رأس أي خيط يوصله لمن يضن أنه لمشغلي الرئيسي إن كان ، ما يترتب بعد ذلك (إن تبت له الأمر) معلوم بسلاسة الحصول على الهدف المُبتغى وما يليه من سقوطِ المساهمين والمتعاونين والمتعاطفين إلى آخر السلسلة المحتاج لها أي بلاغ إعلامي يقعد الدنيا في الجزائر ولا يسمح لها بالوقوف .

... أحسن من تغطية الحدث بأثقل تجاهل ، ليس هناك أفضل رد فعل يصغر من قيمة جهاز له اسمه المخيف وقدراته المهولة ، ممَّا يجعله متخبطا عازفا عن متابعة  القضية إلا بتوفير ترتيب مكلِّف للغاية من حيث المراقبة والتدخل بواسطة النخبة المُدرَّبة في موسكو أساساً أو بعض الدول الغربية بغير فرنسا. العجب العجاب أن يكون مثل الاهتمام الصادر عن دولة بواسطة القلب الحافظ على سلامة نظامها الممثل في جهاز مخابراتي يكلفها وبالعملة الصعبة الكثير شهريا ، سببه مواطن مغربي بسيط أعزل اسمه الحقيقي (غير القابل للتغيير مهما كان مقامه شرقا أو غرباً) مصطفى منيغ ، القضية ليست في مقارنة شخص جد متواضع بدولة عظيمة كالجزائر ، ولكن قد تجوز المقارنة حينما يتعلق بدولة توظف حفنة من الخونة للقضاء على دولة أعظم منها كالمملكة المغربية ، مع فارق جد كبير، أن هؤلاء الزمرة من المرتزقة معروفة لدى الجميع بأساء أفرادها  الحقيقية ، والمزورة أيضا عند تحركهم  بها في الخفاء ، كم هي المبالغ التي يتوصلون بها كأجرة يبيعون بها دم وجوههم كل شهر ، وعلى مَن يصرفونها خلال عطل يعتبرونها ، في "العاصمة" و "سْطِيفْ" و"وَهْرَانْ" و"عَناَّبَة ، أين يجتمعون ومع مَن يخططون ، ولأجل ماذا بذاك هم فاعلون ، ما دامت النتيجة واحدة ، الصحراء مغربية وهكذا ستكون لما الجزائر لهم طاردة ، ولن يبقى لهم إلاَّ ما عاهدهم به الملك الراحل الحسن الثاني ، "إن الوطن غفور رحيم" ، أما المغربي مصطفى منيغ المتواضع الأعزل العبد لله ، لا أحد في الجزائر كان قادراً على معرفة حكايته ، أو ما يخطِّط داخلها ، وبالتالي ما يحتضنه قلبه سوى خالقه الحي القيوم ذي الجلال والإكرام ، سبحانه لا شريك له ، يفعل ما يشاء بما شاء وقتما شاء . (يتبع)

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

 

المغرب للجزائريين حبيب / 19

المغرب للجزائريين حبيب / 19

الرباط : مصطفى منيغ

لأول مرة شعرتُ أن جانباً مغربياً مُعيَّناً له حضور متقدِّم ، لم يُكتَشَف من الجانب الجزائري المقابل الاختصاص ، عِلماً أن المغرب الرسمي كما تهيَّأ لي ساعتها ، ما تركَ أمراَ بمثل الخطورة عليه يفلت من مراقبته المضبوطة على مقاييس، ما يفرض منها التدخّل الفوري السريع ، بالمتوفِّر من الآليات  و الكفاءات البشرية ، في الأدنى أو الأقصى حسب الحاجة والموضوع ، أو التدخُّل المباشر المُسترسَل المُستمِر ، بواسطة عناصر مدرَّبة ، أو التدخّل البطء لغاية جمع الأسباب والمسبَّبات في كِيسٍ واحد ، و بالتالي التدخُّل لملاحقة ما يكون بعيداً لظروف لعبت مَرحلياً لصالح الأخير أو الآخرين ، وهذا النوع من التدخُّل يتطلَّب وسائل مغايرة ، وأساليب تُقارب المُستَعمَلة لدى المعنية من الدول خارج الحدود عربية كانت أو غربية . بقدر ما كنتُ فَخوراً بما اكتشفتُ بقدر ما سادني تفكير للانتباه المُفرط أكثر وأكثر ، لقد دخلتُ (على الأرجح) عالم لا يرحم الأغبياء ، مهما كانت نيتهم وانتماءاتهم لمن ينتمون إليه صادقة . عالَم سلاحه الذكاء المتجدِّد للأذْكَى فالأذكى ، وأدواته الصبر وتحمُّل مخاوف الهواجس القالِبَة الدَّقْيق للمُعِيق ، والصالح للطالح ، والأسود للأجْوَد ، وكلّ حَركةٍ لخطر داهم يتعقَّب صاحبها . عالَم أقوَى ما فيه توظيف الإخلاص للوطن كإرادة غير عابئة بما يختبئ خلف مستقبل قادم ، ما دام بالمُقدَّر المكتوب المحتوم مختوم ، والأسوأ ما فيه الثقة إن وُضعَت دون سندٍ منطقي أو قانوني في غير محلها ، أما وَسطه التفكير وحيداً فيما مضى خيره وشرُّه ، وما هو حاضر بكيفية تضمن بها النجاة غداً من مباهج النجاح ، أو صهاريج الفشل المَكْبُوبَة على الوجدان تُتْخِمه بأعمق الجراح .

... توصلتُ إلى هذه الحيرة التي أسعدتني حقاً، وإن كانت حمَّلتني فوق طاقتي، ممَّا جعلني أفكِّر في مبادرة توقفني عند حَدِّي، بدلَ أن أُقْذَفَ لقفصٍ أنضَمُّ داخله لأسدٍ و نمر وقرد وحمار، ليختار منا الأول مَن يفترس وبعده الثاني فالثالث فالرابع. مَنْ لا يعرف الجزائر الرسمية خلال تلك المرحلة ، برئيسها  الهواري بومدين ، ومخابراتها العسكرية ، وحجرات التعذيب المحفورة تحت أرضية بعض المؤسسات الأمنية ، مِن حقه أن يستخفّ بالأمر لحد الضحك وكأنه يسمع لنكتة ، ولكن مَن تمكَّن مثلي من الإطلاع المباشر أحيانا بالصدفة أو غير المباشر لما كان يحدث مرات ، وجَالسَ (خلال مناسبات فرضت نفسها لحضوري) المسؤولين وبخاصة مَن قلوبهم يشتكي من صلابتها الحجر ، يتصايحون متبجّحين بالدفاع عن الجزائر لتصل القمة مهما كان الثمن  تنغيص حياة الجيران ، مَن كان مثلي عارفاً بما ذكرتُ النَّزْر القليل المتواضع منه وحسب ، لشابهه الرّعب وهو خارج تلك البلاد ، أمَّا داخلها فتلك وضعية لا يحس بشديد ضيق منها ، بل بحبل مشنقة تُسكت أنفاسه بلا محاكمة ، وإنما هي وثيقة أمر صادر على أعلى مستوى، تتضمَّن التهمة وحجم العقاب ، تُوضَع في ملفّ لحين ، يُحْرَقُ في وقتٍ من الأوقات لتبديد الأثر بشكلٍ قطعيّ .

... سبب هذا الكلام ما نجم عن لقاء تم بيني وكاتب ياسين وتلك المجموعة من قادة البوليساريو  بحضور الجنرال (...) المشرف على ما أطلقَ عليها حفلة استقبال أعدت باستعجال على شرفنا في مكان قريب من "تندوف" ، خلال المناقشة المفتوحة التي دارت بيننا حول الجبهة في أولى خطواتها  بمباركة الجمهورية الجزائرية ورعايتها الواسعة الأفق ، لفت انتباهي منظر أحد هؤلاء القادة ، الذي أراد به مراسلة عقلي بما يُشغله لإيجاد ما أضمن به التقرُّب لذاك الشخص بما يكفي ليخاطبني حرفياً : - "سأسلِّمكَ حقيبة بها عَلَم ملقوف على أمانة عظيمة ، افعل بها ما يمليه عليكَ ضميركَ" ، بعدها  غاب للحظات ، ثم عاد بحقيبتين جلديتين، قدَّم إحداهما لكاتب ياسين والثانية مدَّها لي ، بهدوء لا هدوء بعده ، بل مبتسماً ابتسامة الخارج من تجهُّم تحمُّل عبءٍ ثقيلٍ أتعبه بشكل لا يطُاق . طوال رحلة العودة شعرتُ بتوتر اتعب تفكري ، الباحث عن أي سبب يقنعني بطبيعة تصرُّف ذاك الصحراوي المغامر بما حدثني من أجله ، كأمانة لها ارتباط باختيارات ضميري ، في تصريفها بما تستحقّ من عناية مثالية ترقى للغالي إن تمَّ إدراكه ، كاتب ياسين فتح حقيبته وأخرج منها علماً المفروض أن يلوِّح َ به أحد الممثلين في مسرحية "المسيرة الحمراء" كرمز دولة لا زالت في رحم الجزائر ، المقبلة على ولادتها أعجوبة تتحرَّك بصعوبة بين كثبان "تندوف" تحت حرارة الفاقة لمستلزمات حياة دولة في القرن العشرين ، فمها بضع مرتزقة  بلا أسنان ، يرضعون من بقرة نفط الشعب الجزائري للأسف الشديد .  انتظرتُ حتى الصباح بعد ليلة حسبتُها أطوَل من العادية بسبب الحقيبة ، التي ستكون نقطة تحوُّل فيما تبقَّى من إقامتي داخل الجزائر وليس في "لامدراغ" وحدها ، شعور ما خيّب ظني ، قادني لأخذ قرار استعجل به سير وسائل تنفيذ العملية مهما كانت العواقب الوخيمة  التي أتصور حِدَّتها ، فلا أجد غير الصبر يؤخِّرني عن ذلك ، والاكتفاء بتسليم أمري لمن خلقني سبحانه وتعالى . أخيرا فتحت الحقيبة لأجد "العَلَم" ملفوفاً على كراسة مكتوبة أوراقها بخط عربي واضح على شكل تقرير مفصَّل ، لم يترك معلولة تتعلق بالبوليساريو إلا وتعرَّض لها كأنه ليس من تلك الجماعة ولا علاقة له بها وهو أحد قادتها ، ألاَ يدعوا هذا للحيرة ؟؟؟ ، كيف ؟؟؟ ، ولماذا  يختارني بالذات ليسلمني ما يثبت عليّ وعليه تهمة التآمر بكل الدلائل المؤدية لتطبيق أقصى عقوبة علينا معاً ؟؟؟. (يتبع)  

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

 

المغرب للجزائريين حبيب / 18

المغرب للجزائريين حبيب / 18

الرباط : مصطفى منيغ

أَخَذَت المساحة تتقَمَّص بشكل عادي لليوم الموعود ، والهدف النبيل قدام خاطري بما له وما عليه موجود ، والخطوة المُقبلة بسلاسة تتأهب بحماس عير محدود ، بلا مفاجآت ولا موانع ولا جديد غير معهود ، بالنسبة للأخوين فقد نجحا في اختبار بسيط أجرياه من داخل أستوديو في الإذاعة والتلفزة الجزائرية ، التحقا بعده بفريق كاتب ياسين ، الذي خَصَّص كل وقته لإخراج المسرحية ، حتى يضيف بها مجداً لأمجاده الفنية الماضية داخل الجزائر وخارجها ، قلقاً بعض الشيء وجدته حينما عَزَا ذلك لتعامله مع نص مكتوب بالعربية التي له معها موقف يكاد يصل حدَّ القطيعة تعصباً للغته الامازيغية ، وتفضيلاً للغة فرنسية  وصل بإتقانها للعالمية ، ولولا تدخُّل صديقه وزير العمل ، وتوصية الرئيس بومدين أن يتولّى الإشراف العام على مسرحية "المسيرة الحمراء" لاعْتَذَر ، لكن الأسْمَى في حكم النّظام قرّر ولا مناص من التنفيذ بعيداً عن جزئيات مهما كانت . شخصياً اعتمدتُ النّأي ما أمكن كما تقضي الخطة التي رسمتُها منذ البداية ، مُدرْكاً أيّ جزء مهما كان بسيطاً ، يلعب ما يترك التَّنسيق بين الأجزاء الأكبر مُمكِناً ، لا فراغ يكتنفه ولا فرصة لأي ثغرة مهما كانت غير مؤثرة ، تساعد على تسَرُّبِ أي خلل غير محسوب ، يتدخَّل معكراً مرحلة من مراحل التنفيذ . حتى دعاني كاتب ياسين نفسه ، لحضور قترة تدريب  عن مشهد من مشاهد المسرحية بالخصوص الذي رأى فيه حصول تناقض يتطلّب مني التدخل كمؤلف ، لبَّيت الدعوة لأمرين ، أن أطَّلع على سير الأشغال الفنِّية / التقنية ومقارنتها بزمن الانتهاء الكلي قبل العدّ العكسي للعَرض ، وبالتالي معاينة عن كثب ارتسامات الأخوين المغربين اللذين كلَّف المُخْرِج أحدهما (ب/ ي) بتقمّص شخصية الملك الحسن الثاني ، والآخر (ب / ع) بتشخيص دور الجنرال أفقير . طبعا هناك شخص ثالث مغربي شيوعي حتى النُّخاع لم أجد أدنى صعوبة لإقناع كاتب ياسين  الشيوعي الماواوي ، على ضمِّه لذات المجموعة على ضوء خلفية كفاءته التي أظهرها في مسلسل " الشيطان" ، حيث لعب دوراً من الأدوار الرئيسية ، إتباعاً لصوته ذي القوة المُفعمة بسلامة النطق وفق متطلبات لغة الضاد ، طالباً عدم كشف هويته للمغاربة حتى لا يشكِّل ذاك الخطر الحاذق به من ساعة لجوئه للجزائر . كلَّفتُه وأنا ازرعه داخل المجموعة ، بمراقبة ما يحدث أولاً بأول لمناقشة ما يدعو المناقشة قصد التدخل في الوقت المناسب ، دون إشراكه أيّ معلومة تتعلَّق بسير خطتي على الإطلاق حفاظاً على سلامة النهاية .

...  لم يكن موقع التدريب بالمناسب ، ولما استفسرتُ عن السَّبب جاء الجواب في غير محله ، مضمونه أن يبقى العمل  بعيدا عن الأنظار حتى الوقوف على رجليه . المقر عبارة عن مبني كان الاستعمار الفرنسي  قد خصَّصه لمركز تشغيل تابع لوزارة العمل الجزائرية ، ولم يُفتح من تاريخ رحيل ذاك المستعمر لغاية لحظة جعله فضاء تدريبات  على المسرحية المذكورة ، لم يُنَظَّف بل محتفظا بقي بأكوام من أزبال عشَّشت داخلها فئران حارة بأكملها ، تعلَّق الأمر بالطابق السفلى أو العلوي المُعدّ على شكل حجرات تفرق فيما بينها حواجز زجاجية سميكة لتأخذ هيأة أقسامٍ لموظفي تلك المؤسسة المهجورة ، المقر كائن في شارع الكولونيل لطفي .

... المشهد عكس ما ظن كاتب ياسين يفتقد ليصبح مفهوماً حتى لمن لا يتقن اللغة الفصحى ، إلى عَلَمٍ يلوِّح به ذاك الصحراوي ممثل جبهة البوليساريو أو الدولة الصحراوية التي تسعى الجزائر إقامتها كما تمَّ شرحه في السابق ، المشكلة أن الجبهة لحد تلك الآونة لا عَلَمَ لها ، إذن الأمر يحتاج لجلسة مع هؤلاء لتوضيح الأمر ، أَدْخلتُ هذا في مخ "ياسين" ، وَغَرَضِي منه لا يحتاج لمزيد شرح ، وليعبِّر عن ارتياحه للفكرة / الاقتراح / الحل، طلَبَ منى الاستعداد صباح الغد الموالي لمرافقته قصد القيام بمهمة اللقاء مع المعنيين مباشرة وقبلهم السلطات الجزائرية المختصَّة ، فقطفتُ من اجتهادي المُضاف ذلك ثمرة الاطّلاع المباشر على معلومات لم تكن متوفرة إلا للأجهزة العسكرية المخابراتية الجزائرية على أضيق نطاق ،  تتعلق بوجود تلك الجبهة ، بأُولَى الإمكانات الموضوعة رهن أشارتها ، ومنها السلاح ونوعيته ، وأسماء أشخاص هؤلاء المرتزقة الحقيقية ، وحجم الحراسة الأمنية المُطوَّقِين بها من طرف راعيتهم الجزائر الرسمية ، ومستوى درجات الانسجام ، مع الطرح البومديني بداية ونهاية ، الجاعل هؤلاء واجهة يندسّ خلفها نظام لن يهدأَ حتى لحظة الانتصار على المغرب وفي جميع الميادين مدنية سياسية كانت أو عسكرية حربية لا فرق .

أحيانا المستحيل تخترق الأقدار مجاهله المحسوبة معرفتها على علم الغيب ، استجابة لنداء مظلومٍ كوطنه ، حتى يتمكَّنا مِمَّا ينفع الطرفين المغربي والمغرب الملتحمين في واحد  بالحق من أجل انتصار الحق ، ولولا ذلك لما حُمِلتُ صحبة كاتب ياسين بواسطة مروحية تابعة للجيش الجزائري لنحط َّ الرحال وسط مكان محصَّن عسكرياً غير بعيد عن مدينة "تِنْدُوفْ"، ليستقبلني الجنرال (...) مرحباً بمقدمي لموقعٍ من الصعب أن يتواجد فيه مدنيّ ، ومن دولة عدُوّة هي مملكة الحسن الثاني (كما سمى المغرب بالحرف) ، لتتعرَّف من جهة على الشيء اليسير من قوة الجيش الجزائري المقتدر ، وجانباً من نواة الدولة الصحراوية العازمة على توقيف الملك عند حده فيتراجع عما أظهره مؤخراً من علامات تحدي الجزائر ، التي غدت عكس ما كانت عليه خلال السنوات الأولى من الاستقلال ، ما تراه أمامك أستاذ مصطفى منيغ (مستطردا حديثة الموجَّه لشخصي بالذات) سوى نقطة في بحر متلاطم الأمواج لجيش إذا هاج أغْرَقَ من يقف أمامه في سويعات قليلة ، أتمنَّى ومع القيادة العسكرية وعلى رأسنا فخامة الرئيس الهواري بومدين ، أن تضع هذا وصفاً بليغاً في كتاباتك المستقبلية عن الجزائر ، وقد أصبح من الصعب عليك الخروج منها بما وَصلتَ َإلى هذا القدر من الثقة فيك ، وبخاصة بعدما وُضِعَ رهن متابعتنا قراءته من تآليفِك ، وكانت مسرحية "المسيرة الحمراء " أخرها ، تلك المسرحية الناطقة حقيقة بلسان نظام جزائري يسخِّرُ كلّ إمكاناته المادية والمعنوية ، لنشر الخير والنماء من حوله ، فكان على الجيران وأولهم الملك الحسن الثاني ، أن يفسح المجال لمثل التوجُّه الجزائري لا الوقوف أمامه بالمرصاد ، لذا الجزائر عازمة  كما قلتُ لكَ على مساعدة أناس هم منَّا ما داموا رهن تطبيق رؤيتنا المذكورة ، حتى يجعلوا من دولتهم الصحراوية القادمة ، حقيقة مؤكدة بتحالفها الشامل مع الدولة الجزائرية العظيمة ، طبعا كما أخبرنا فناننا وكاتبنا العبقري الأستاذ كاتب ياسين ، أنكم بحاجة لعَلَمٍ صحراوي يمكن المتتبعين ، وأحد الممثلين يلوح به عاليا داخل مشهدٍ مسرحي دقيق الوصف لذاك الحدث السعيد ، تحقيقاً لمثل الرغبة هناك حفلة استقبال على شرفكما مقامة في جناح موضوع رهن اشارة الأبطال الصحراويين قادة البوليساريو ، الذين سيبادلونكما الحديث وسيسلمونكما العَلمَ الذي انتهوا من وضع لمساته الأخيرة في الساعات الأولى من هذا الصباح المشرق . (يتبع)  

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

 

المغرب للجزائريين حبيب / 17

المغرب للجزائريين حبيب / 17

الرباط : مصطفى منيغ

تركتُ الأخوين في الفندق ونزلتُ لألتقي بكاتب ياسين ، عسانا ننتهي في نقس اليوم من دراسة النص المسرحي و الاتفاق عن الكيفية التي سيتمّ من حلالها اختبار إمكانات الممثلين اللذين أحضرتهما معي من المغرب حتى ارتاح لما أرغب في الانشغال بأدقّ مرحلة عليها يتوقف مسار العملية / الهدف    نحو أتم وأسعد ختام ، وجدته ينتظرني وثلاثة من رجال ، الظاهر أنهم للمراقبة والمتابعة وتقييم العمل ككل لفائدة رئاسة الجمهورية ، فقد تعوّدت ُ على التمييز بين هؤلاء وآخرين من جهاز مخابرات أو موظفين أمنيين عاديين ، لنتوجَّه بسيارة تُشَمُّ داخلها رائحة الدولة بما تتميَّز من أبَّهة وكمليات غالية التكاليف ، إلى إحدى البنايات ، الظاهر من فخامتها حتى من الخارج أنها مخصَّصة كأخريات مثلها  لإقامة كبار ضيوف الجزائر الرسمية ، وفي حجرةٍ معدة مُسبقاً  لمثل الغايات ، جلسنا متقابلين حول طاولة دائرية الشكل ، تتوسطها قنينات مختلف أنواع المشروبات بما فيها الكحولية الفاخرة ، ودون تأخير طلب مني ياسين أن اقرأ النص من بدايته حتى النهاية قراءة ايطالية المتعارف عليها من لدن أصحاب المجال المسرحي ، كنتُ أتوقَّف بين الحين والآخر لغاية سماع أي ملاحظة ، لكن سكوت الجميع يلزمني بالاستمرار إلى النهاية ، ليقف أحدهم ونتبعه منسحبين وأيضا في صمت ، تمكنتُ بعد الانفراد بنفسي داخل إقامتي في "لامدراغ" استنتاج ما يناسب المنطق ويقبله عقلي وترتاح لأبعاده مشاعري ، في تلك البناية مكان تواجدَ قيه غيرنا ممن اهتموا مباشرة بسماع النص انطلاقا من صوتي وهو يُسجَّل عن بُعد ، لملاحقة انفعالات تصاحب عند القراءة بعض التصورات الموصوفة كتابة بتلقائية طبيعية صادقة هادئة لا تعطي اهتماماً للوقت ، لترسيخها في أذن السامع  كقيمة ، أو إبراز إخفاءٍ مُصطنعٍ  بمهارة ، يكشفه اهتزاز نبرات صوت لمروره على    مواقف ، مهما بدت ثابتة فهي عابرة ، القصد منها يستوجب التوقّف على الجُمَلِ / السّبب ، لأخذ الحيطة والحذر والدراسة المتأنية ، وصولاً لنتيجة تختار لنفسها بنفسها حلاً لا غُبار عليه . بالتأكيد استنتاجي صائب حالما أرى مثل كاتب ياسين ، لم يفه ولو بنصف ملاحظة يعبّر بها أنه موجود وليس ديكور جلسة ظاهِرها شيء وباطِنها بين أيادي كبراء في مناصبهم السيادية والعلمية ، ممّا تبيَّن لي أن الضوء الأخضر لن يُعطَى للبدء في العمل إلا بعد التمحيص على أعلى مستوى ، أن المسرحية مكتوبة بفكر يكنّ للجزائر التأييد المُطلق بما ترمز إليه من حوارات ، بعضها صالح لشعارات سياسية قد تصبح معتمدة لدى الكثير من السياسيين الجزائريين قبل غيرهم .

من الصعب جداً التفريق بين الحقيقي المكتوب على الورق نصاً للتمثيل ، والحقيقي المدفون داخل ضمير مؤلِّفِ نفس النص ، الأول موجه لغاية مؤقتة تنتهي بحصول الفعل المُخَطَّط له بعناية لا يخترقها شك إنساني المصدر ، ولا تصل لتبيينها آلة مُبتكرة تخص التدقيق في مثل المهام  ، أما السبب الثاني فقاعدة ذاك التوجيه الدائم التكرار ، متى الحاجة أوجبَت الوقاية من عِللٍ لا يقبل بها العقل ، ولا يرتاح لها القلب الملتحمان بقدسية حب الوطن .

متيقن الألف في المائة أن النص المسرحي سينال رضا دارسيه ، بل سيحصل على أقصى درجات حماسهم لسبَبٍ بسيط أنني كتبتُه بعقلية جزائرية صرفة ، وكأنني جزائري الأصل والنشأة يهمه الشأن الجزائري دو سواه ، تلك العقلية المندمجة  مع طبيعة من كان مثل الهواري بومدين المتخيِّل أن كل مطلوب ، ولو عن باطل سهل الحصول عليه ، إن لم يكن بالقوة فبالإغراء المتعدّد الأشكال والألوان ، ولا أحد بمقدوره الوقوف حائلا دون وصول إرادته لما ينشد مُشيِّداً به نجاحا مدى الحياة لنظام حكمه ، وهذا ما حصل بالفعل ، حينما جاء أحد الرجال الثلاثة لمقر إقامتي يستعجلني لحضور اجتماع فوري يخص القضية بحضور وزير وشخصيات وازنة ، وجدتهم يناقشون الميزانية التي ستخصص لإنتاج المسرحية و المكان القابل لاحتواء جموع المدعوين الرسميين الجزائريين منهم والأجانب ممثلين بسفراء كل الدول المعتمدين لدى الدولة الجزائرية  ، بمعنى أوضح أن الأمر بلغ طور التحضير الفعلي ، بما يلزم من إمكانات مالية ضخمة ، وعناصر بشرية غير الممثلين طبعا ، حتى يظل الأمن بكل تخصصاته عيناً غير غافلة ولو لجزء من ثانية ابتداءً من أسبوع قبل رفع ستار الخشبة على مسرحية "المسيرة الحمراء " .  (يتبع)

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

 

المغرب للجزائريين حبيب / 16

المغرب للجزائريين حبيب / 16

الرباط : مصطفى منيغ

الاستقرار على هدف مُعَيَّن ، لغاية مضبوطة بتخطيط علمي منطقي مقبول  ، يقضي عدم الاكتراث بما يؤخر المسير  إلى تحقيقه ، في المكان المختار مهما كان ، والزمان المُحدَّد على موقع الأخير (المعروف آنذاك) بالثانية . الرسالة التي قرأتها مُدَبَّرة بتقنيةٍ بدائية مُرتَّبة أسلوباً وموضوعاً ، على معلوماتٍ الغرض منها إزاحتي عن الخط الذي رسمْتُه بعناية ، وتبديله بآخر يؤدِّي لأرضية المخابرات الجزائرية ، بواسطة مصيدة حبكتها عقلية غير مطَّلعة بالحجم الكافي على آليات تخصّ مثل الحالات ، ممَّا يؤكد أن موقفي داخل الجزائر سليم من كل ما قرَّرتُه وتحرَّكتُ في إطاره حتى تلك الآونة ، فكان لزاماً الرد بتجاهل الرسالة والفتاة التي مدتني بها تجاهلاً تاماً  ، ممَّا يمحي أي أثر يدل أنني انسقتُ وراء الحيلة الصبيانية التي أراد بها ذاك الجهاز جري لملعبه بكيفية لا ترقى أبداً لمستواه الأمني داخل دولة تعتقد أنها الأقوى في الميدان على امتداد المغرب العربي الكبير .

... أنهيتُ في ثلاثة أيام كتابة النص المسرحي في فصلين يتخلَّلهما عشرون مشهدا ، لِعَرْضٍ يستغرق الساعتين ، إحداها لاسترجاع الماضي وصولا للحاضر قبل انطلاق المسيرة الخضراء ، و الساعة الثانية مُستغرِقَة في مظاهر الإخفاق المغربي ، وما ترتَّب عليه من انتصار للرؤية البُومدِينية ، الذاهبة بحفنة من مرتزقة تمَّ استغلال ما أسّسوه في مدينة كُولْمِيمْ المغربية ، برئاسة مصطفى الوالي ، للإعلان عن اقامة دولة تشارك الجزائر في تغيير جغرافية أراض يخسرها المغرب  ، وتربح بها الجزائر أداة تَنَفُّسٍ تزيد من حجم رئتيها ، وجسدها الرسمي ممدَّد على شاطئ الضفة الشرقية مِن المحيط الأطلسي . لأمُرّ إلى مرحلة البحث عن ممثلَيِنِ مغربيين اصطحبهما معي خلال عودتي للجزائر ، عثرتُ على الأول بيسر نظراً لعلاقة الصداقة الرابطة بيننا من سنين على المحبة الأخوية المُتبادلة ، والمشاركة الفعلية في مجال عشق الفنون المسرحية ، والبحث العلمي في عالمه الفضفاض القابل لما يضيف لمتطلباته الجاعل منه يستحق لقب أب الفنون جميعها ، تعلَّق الآمر بالتأليف وفق رؤى إبداعية غير مسبوقة ، أو إخراج ينأى عن المألوف من حيث الحركة وانبعاث الحوار من صدور المشخِّصين أصواتاً منسجمة مع الجو ، المساهمة في إقامته ديكورات تُلهم المتتبّع بفهم وقائع تستعرض ما وقع في حيز رغم ضيقه يتحوَّل لسعة تُنبِئ بالوارد وقوعه خيراً كان أو شراً ، حسب الفكرة / العمود الفقري ، القائمة عليها المسرحية عامة . أجل عثرت على الأول ولم يكن سوى مَن لقَّبتُه ذات يوم بعميد المسرح "الوجدي" ،رئيس فرقة المسرح البلدي ، ومخرج ما قدمت منذ أعوام ، وجدته في مقره فوق سطح السوق المغطى ، منهمك في التفكير كعادته كلما ضاقت به سبل الحياة وعكَّرت مجازه تلك الإمكانات التي غيَّبها النحس لِما حسِبه دهراً لزم حاله ، وأقسم أن لا يرحل أبدا ، ما أن رآني حتى تغيَّرت ملامح محياه وكأنّ الدم عاود الجريان في شرايينه من جديد ، بفرط السعادة التي أرغمته على ترك ما كان عليه من ضيق وعبوس ، ذهبنا معا إلى المقهى المقابلة كانت للمحكمة الابتدائية القريبة من الإذاعة الجهوية ، نفس المقهى التي أطلقتُ عليها بحضوره فبل الغياب لبضع سنين اسم "مقهى البؤساء" على حال معظم روادها من تلك الطبقة المحرومة من كل شيء إلاّ التوجُّه لعين المكان للاسترخاء المجاني ، انتظاراً لفرجٍ طال ترفّعه عن الحضور  أكثر ما كانوا يأملون عكس ذلك ، أو يمنُّون أنفسهم بأمل هم متيقنون أنه غاضب عليهم لأسباب يعرفونها ويتجاوزون (عن قصد) حتى التفكير في التخلص منها . هناك فاتحت الأخ الصديق (ب / ع) بحديث أقحَمَهُ لإصغاءٍ شديد الاهتمام:

- سأمنحك َفرصة العمر ، بل سأمهِّد لك طريقا ما كنت َ تحلم للمشي فوقها لحظة في حياتك ، طريقا توصلكَ لباب التاريخ المفتوح لك سيكون ، لتلِجه مُحققِّاً ما تمنيتَ أن تحقِّق ولو جزءا بسيطاً منه ، طريقاً من الصعب أن يُعبَّد مرة أخرى خصيصا على قياس خطواتكَ التي لن تمشيها بل تطير معها ، في قضاء واقع ستعيشه بما يوفّر لك من نجاح وشهرة ونصيب من المال .

 وقف بغثة وقال لي بغير شعور حسبتُ الفاعل :

- هيا بنا ماذا ننتظر ، لنأخذ ذاك الطريف منذ اللحظة .

أخبرته أن الألف ميل الواجب قطعها قبل الوصول إليه يبتدئ من الجزائر العاصمة وليس من مقهى البؤساء  هذه.

 - الجزائر (ناطقا بها في امتعاض ليستطرد) وفي هذا الوقت بالذات ؟؟؟، طبعا أنت على علم بالتوتر الحاصل بيننا وتلك الدولة بسبب المسيرة الخضراء الذي أراد بها عاهلنا الحسن الثاني تحريرها من احتلال الأسبان ، فكيف وصل لذهنك هذا الاختيار الصعب ، اللهم إن كان في الأمر سر .

 قاطعته بلهجةٍ تعبّر عن جدية في الموضوع ، وحزم معقود على التنفيذ،  وإرادة يجب طاعتهُا بالكامل . ابتسم ليوهمني أنه فهم ، والحقيقة أنه لم يفهم حتى تلك اللحظة أي شيء ، مما وجدتها فرصة لأسأله :

- هل تثق بي ؟ .

 أجابني بغير تردد .

- ما المطلوب مني ؟

- أن تجمع حقيبتكَ وتتبعني .

 طرق برأسه دقيقة ثم نطق :

- سأتبعك حيث تريد  ما عليك إلا إقناع والدي وزوجتي .

... في البيت لم أجد أدنى صعوبة مع تلك الشريفة زوجته الموظفة ممرضة بمستشفى حكومي  بعد إزاحة مخاوف انتابتها  والجزائر في تلك الأوقات  علاقاتها مع المغرب ليست على ما يرام ، أخيرا وافقت أن يرحل زوجها معي لثقتها الكبيرة في شخصي المعروف عني من سنوات كم أحترم هذه العائلة المعتزة بشرفها المكافحة من أجل ضمان عيش كريم لأولادها ، السيد الوالد لم يعارض بدوره ، حينما عاهدته أن أعيد له ولده سليما متمتعا بما يحقق له ذاك المستقبل وهو صاحب عمل رسمي يلزمه الاستقذار وسط عائلته المحترمة . الشخص الثاني  (ي/ ب) متزوج بسيدة تعمل في ميدان الخياطة  المنضم إلينا ، غير بعيد عن الجو الذي تعودنا نحن الثلاثة في مرحلة معيّنة داخل مدينة "وجدة" ، خوض غماره ، الفن المسرحي تأليفاً و إخراجاً وتشخيصا ، تَخَلَّى عن منصبه المؤقت كمحافظ بالإذاعة الجهوية ، ذاك الذي منَّ به عليه ، مدير تلك المؤسسة الإعلامية الأستاذ عمر بن الأشهب ، الذي جمعتني وإياه الأقدار لنتعاون معاً في نفس الإطار لكن بصورة أخرى مستقبلاً ، سأتطرق لتفاصيلها إنشاء الله ، لأهمية أحداثها والمعلومات التي طُمِسَت في شأنها بفعل فاعل ، لكنه التاريخ متى كان صادقا لا يرحم ببلاغة ما يحكيه كتابة موثّقة بالحق  عن حق مشروع ، إلا من يستحق رحمة الانصاف ، وإن حدث هذا متأخرا لا يهم ، المُهمّ والأَهَمّ وأَهَمّ الأهَم أن تكون على حق وتعرف كيف ومتى تأخذه .(يتبع)         

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

 

domingo, 25 de abril de 2021

المغرب للجزائريين حبيب / 15


 

المغرب للجزائريين حبيب / 15

الرباط : مصطفى منيغ

لي مع العزيزة "وجدة" ألف حكاية عن ألف موقف، مهما عن إحْدَاهَا أو أحَدِهَا أقف ، أتمنَّى أن أعيدها كلَّها ولمتعتي الشخصية أُزِفّ ، دون لأي منها أَحذِف ، على استرجاع بعضها الدمع في مقلتاي لا يجفّ ، ومِن ضمنها الفرحة البِعاد منها مهما كان الاتجاه لمشاغل أخرى  عنها لا يحذِف . جمْعُها لا يستحمله حجم تَكثيف ، وتركها بالمرة يولّد التيه المخيف ، بين دروب حياة لها في تلك البقعة الطيبة أكثر من رسْمٍ وليف ، داخله مَن كان نِعم أليف ، أو على مرحلة ما شابه الحَمَلَ  الرائع الحُسْنِ خفيف ، أو قمراً في نهارٍ لا ضوء فيه لزائف ، أمام محنَّك لكل تقليد مُصطنع عارف . "وجدة" مدرسة الدَّهْر ، الحامية للمغرب في شرقه الظَّهْر، الرَّاسية على تِلالٍ صحبة صالحين كرائمهم بقطرات ماء أضخم نَهْر ، يجودون بها من قَصَدَ المَقام ليحميه من  الوَهَر، واتَّقَّى بنبلِ شرفائه مِن القَهْر.  وصلتُها مُثقلا بعواطف الشوق وحنين لا يُقارَنُ تأثيره السعيد لشريكة وجودي المنتظرة إياي في "عين بني مَطْهَر" ، تترقَّب عودتي بالدقائق منذ مغادرتي لمصيرٍ مَجهولٍ آخر مطافه لقاء لا فراق بعده أو فراق لا لقاء يليه كضوء بعد إبْهار، فتاة كانت بين شريفات قبيلة ، الإخلاص كرويات مضافة للبيضاء والحمراء في دمائهن ، لا يعرفن غير الارتباط الأول بما اعتبرناه مصير بقائهن في الدنيا لغاية لقاء وجه رب كريم ، لا يتصورن التخلّي عمَّن وهبن له أغلى ما يملكن على سنة الله ورسوله ، فتمتعن بالتوقير وضرب أسمى الأمثلة لوفاء لا زيغ يتخلله ولا نفاق يلتف حتى بالقرب منه ، مهما كانت الحيل شيطانية حول نقاوة قيمه النبيلة ، وأعرافه الأصيلة البسيطة في متانة لا صَعْبَ يغلبها ، ولا إغراء (مهما كان) يبعدها عن الأصل الأصيل لجوهرها . "حليمة" كان هذا اسمها ومتحمّلة ما شدها الصبر للانتصار على الشدائد مهما دأبت في اتجاهها تفتتت قبل مس طرف من هندامها الدائم النظافة .

... مع خيوط الفجر الأولى أخذتُ دراجة هوائية واتَّجهتُ صوب طريق "المْرِيجَة ْ" حيث المركز المُمَيَّز لقبيلة "أولاد سيدي اعْلِي بُوشْنَافَة" التي تربطني وبعض كبرائها مودة وصداقة إلى يومنا هذا ، في مكان غير بعيد أفرغ لي أحد أصهاري خيمة لأعتكف داخلها مؤلِّفاً  و مفكراً ، دون مشارك يقطع عني ذاك الهدوء المساعد خيالي على ابتكار تصوير مشاهد المسرحية التي أتحمَّل مسؤولية كتابتها بما يناسب المقاييس المُتَّفَق عليها مع المنتظرين عودتي للجزائر العاصمة باهتمام بالغ ، لكن قبل البداية فتحتُ الغلاف (الذي طلبت مني الإنسانة التي رافقتني لغاية وهران ورجل الأمن "عبد القادر" الذي ما صدَّقته وهو يقدمها لي كإحدى أفراد عائلته) لأطَّلع عما بداخله في القطار ولم أفعل ، حتى لا أُعطي الفرصة لمن عساه يراقبني في نفس المقصورة فيفسِّر العامل لصالح ما يفسره بلغة المخابرات ، مسجّلاً ما يؤكد أن الأمر يستوجب توضيح ما بداخله من "إنَّ" وما يترتب عن ذلك من تَعقُّبِ خيوطٍ قد تمتَّد لما لا يُحمَدُ عقباه بالنسبة لي ، ما دامت كل حركة في غير محلها صادرة مني  تُحسبُ عليَّ ، تَتجمَّعُ ما أخريات ليقع ما لم يكن في الحُسبان ، وأنا في وسط المعمعة أجاهدُ للوثبة ما قبل الأخيرة ، لإنتاج العملية الهدف وأرتاح بعدها كلّية . فتحتُ الغلاف لأسحب الصورة وأتيقن أن صاحبتها ليست بالغريبة عني ، وإن كنت حقيقة لا أتذكر أين وكيف التقيت بها ، انتقلت إلى الرسالة لأقرأ : عزيزي مصطفى منيغ ، تحولتُ إلى عمِيلَةٍ في المخابرات الجزائرية تحت إمرة مَن ادَّعَى لك أنه عبد القادر والحقيقة أن اسمه (...) ، كُلِّفتُ بالسفر على متن نفس القطار بالهيأة التي رأيتني بها في السيارة محجبة ،  لأراقبكَ في "وجدة" كظلّك ، أنت في حاجة للتركيز في الصورة حتى تتذكر تلك الفتاة التي شاركت في إحدى حلقات برنامج ألحان وشباب ، الذي يعدّه الأستاذ الفنان الفاقد البصر، "مُعْطِي بَشِير" وكنتَ أنت من بين الحكام (في تلك الحلقة المذاعة تلفزيونياً مباشرة على الهواء) المسؤولين عن اختيار الأصوات الواعدة المستحقة الفوز بالدرجات الثلاثة في المسابقة الغنائية تلك ، بصفتك (كما قدَّمتك المذيعة) الملحن والفنان المغربي الذي له إسهامات غنائية بالإذاعة  الجزائرية وخاصة القطعة الملحنة والمغناة من طرفك وأيضا كاتب كلماتها ، اسمها "الجزائر بلادي الغالية" وكانت من أنجح الأغاني الوطنية ساعتها ، حاولتُ الاتصال بك أزيد من مرة لكن بلا فائدة ، ولما التحقتُ بالجهاز مؤخراً سمعتُ الحديث يدور عنك فأخبرتُ أحد رؤسائي أنني أعرفك لأخبره بنفس القصة ، ومن وقتها حملوني مسؤولية تقصي أخبارك أولا بأول ، إلى أن عثرت على سيدة اسمها جليلة عابد التي مدتني بتفاصيل ساعدتني على دراسة شخصيتك ، ومحاولة تطويع ما عَلِمْتُهُ عنك ، في التقرُّبِ منكَ أكثر وأكثر، حتى اقنعَ الجهاز بسبب تشبثك بالبقاء داخل الجزائر ، وأنت بما تتوفَّر عليه من إمكانات ثقافية وقدرات فكرية ، ما يجعل منك أستاذاً ناجحاً في ذات المجال بالمغرب مع أهلكَ وبين أصدقائكَ . في "وجدة" سأستقرّ بالعنوان التالي:(...) المرجو الاتصال بي لأوضّح لك المزيد، وأطلعك عن سرّ إفشاء مَن أكون وطبيعة مهمتي لكَ، وأنت تعلم عقاب مَن يفعل ذلك من تلقاء نفسه حينما يُتَّهم بالخيانة ليلتفَّ حول رقبته حبل المشنقة ، هناك أسباب جعلتني أثق بك مثل الثقة العمياء ، مقابل ذلك لي طلب بسيط أريدكَ أن لا تبخل به عليَّ ، في مقدورك انجازه لصالحي ، حالما تزورني في العنوان الذي كتبته لك سأخاطبك في شأنه جملة وتفصيلا ً ، بالإضافة لمعلومات قيمة تخصك ستساعدك إن فكرتَ الرجوع للجزائر. لا تنسى إحراق الرسالة والغلاف والصورة ، إلى اللقاء أستاذي العزيز.(يتبع)

     مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

https://australia-mjm.blogspot.com

 

المغرب للجزائريين حبيب / 14

المغرب للجزائريين حبيب / 14

الرباط : مصطفى منيغ

أجبتُهُ بالآتي: - وصلتُ إلى مدينة "القصر الكبير" مُلبِّياً دعوة مجموعة أحترمُها ولا أرفض لها طلباً ، لأستمع َعمَّا فعل بمدينتهم "الباشا "م

/ ب" ، الذي لقَّبوه بذي القلبين ، حالما شجَّع وسَاهَم في هدم أجمل نافورة تركها الأسبان في قلب المدينة العصرية لتُشيَّد فوقها أخرى على شكل قلبين لا تنسيق يربطها بما يحيط دائرتها من بنايات تتخلّلها طرق رئيسية أربعة ، ولا احترام لمعالم لا تُقدَّر بثمن  عُرفت بها المدينة ، كقابلة لاحتضان هندسة عمرانية ، تجعل منها قبلة عشاق جمال  يزيد من قيمة مواقع مرصع تاريخها بجواهر المجد ، ولآلئ المواقف البطولية الدائمة الحضور من عهد "معركة وادي المخازن" الخالدة ، إلى زمنٍ ذاك ، حسبَته المدينة العريقة الأصل ، مدخلاً للتقهقُر العقيم ، والتراجع المؤسف عن أي نماء مهما كان المجال ، طبعاً اتصلتُ بذاك المسؤول فوجدته لا يفكر إلاَّ في الرحيل عن المدينة التي حسبها لا تناسب مجازه ، ولا تمنح لشخصه المكانة التي يستحقها ، ولا توفر لطموحه أي ميزة يعتمدها في التقدُّم بمنصبه إلى الأفضل ، ممَّا ترك في ذاكرتي انطباعاً أن الرجل مُرغم على تحمُّل مسؤولية أسمى منصب في مدينة لا يراها مؤهلة لاحتضان سعادته ، ومنذ تلك اللحظة وبعض أخباره لا تفارق اهتماماتي ،  كصحفي يسجّل ملاحظاته عن أحداث  عايشها ، فوق ورقٍ مُقَوَّى يصارع رطوبة أيام متقلِّبة ، بما يحفظ على جوهر الصورة الحقيقية ، العاكسة البداية وما بعدها ، لغاية الوقوف مع حُكْمِ القدر ، على الموعظة المُستخلصة منه ، حكمة الواقع تلك الساعة ، في الجزائر العاصمة معي ، كخادم عن ثقة وإيمان في وطني المغرب ، وذاك الباشا في "الداخلية" الذي تحوَّل "للخارجية " برتبة القنصل العام للمملكة المغربية في الجزائر ، المفروض أن التقي به في ظرف ثماني وأربعين ساعة لأمر هام ، دون حاجتي إليه ، ولولا احترامي لما يمثله لتجاهلته بالكامل .

... تنفَّس المستمع إلي الصعداء ، وغاب لما ينتظره من مهامٍ جِسام ، أقلها تَخيًّلاً تفقد المرء حاسة النعاس لأيام طوال ، وكما كتبتُ أكثر من مرة ، أن الإخلاص للوطن يبتدئ بالإخلاص للعمل ، فأي عمل أحَبّ على المخلص لوطنه ، أكبر من البحث عمَّا يرفعُ به شأنه ساهراً الليل والناس نيام ، فاقداً لأنيس في وحشة وحدة ، أضاقت لهواجسها غربة وسط جو، عيون رُقبائِه جاحظة بشديد حقد ، بين أيديهم سكاكين الغدر متأهبة للضرب ، و أناملهم ممسكة بأقلام متحركة بافتراءات مُسطَّرة تقارير تعجِّل بالانتقام من كل قائل "لا" عكس " نعم" السائدة بالقوة والخوف ، وحبَّذا لو كان الأمر في هذه الجزائر "البومدينية" تخصّ الجزائريين ومشاكلهم الداخلية ، بل أرادت التدخّل فيما لا يعنيها بالمرة ، ولم تجد غير المغرب المسالم عن اختيار صائب ، بالصبر لأروع مثال في احترام الغير واهب ، على التحكُّم في مشاعره اتجاه جيرانه بالحُسنَى راكب .

... مع الساعات الإدارية الأولي لليوم الموالي ، رفعتُ يدي داخل اجتماع طالباً الكلمة لأخبِر الحاضرين أنني راحل إلى المغرب باتفاق مع الأستاذ كاتب ياسين الموجود بيننا الآن ، ُمنفذاً المادة الثانية من اتفاقٍ مُصادق عليه من طرفينا ، يتعلّق بعمل ضخم وطني جزائري ، اقترحه فخامة رئيس الجمهورية ،  وبالمناسبة سأتَّجه غدا للقنصلية العامة المغربية راغباً الحصول على جواز سفر جديد ، يعوّضني الذي ضاع مني ، لذا التمسُ من السيّد المدير أن يمنحني رخصة تكفيني للذهاب إلى المغرب ثم العودة منه ، لا تَقِلّ عن عشرة أيام حتى أتمكَّنَ من أداء ما تتضمنه تلك الاتفاقية التي يملك الأستاذ ياسين كل تفاصيلها اتجاه من تهمه  تفاصيل المسألة . أعتقد أن الأمر أصبح يؤهّلني الالتحاق بموجبه لمقر القنصلية العامة للمملكة المغربية بالجزائر العاصمة ، في مأمن من شكوك قد تشوب سيري العادي لتنفيذ ما يدور في خاطري . ...هناك التقيتُ بالمسؤول المغربي الممثِّل الرسمي للمملكة المغربية في حدود الأعمال القنصلية المتعارف عليها دوليا ، وحتَّى لا أضيِّعُ وقتي في كل ما هو جانبي ، إستفسرتُه عن السبب الذي طلب على إثْرِهِ حضوري ، فخاطبني بأسلوبٍ لم أعهده فيه من قبل ، ضمّنه مقدمة لا أساس لها بالموضوع ، ولمَّا قطن أنني غير مهتمّ  بكلّ مَن يمدحني بلسانه وليس بقلبه وعقله معاً ، انتقل ليتعرّف مني عمَّا أرمي القيام به  عساه يساعدني إن كان الشأن المقصود يتخطَّى إمكاناتي ، وكلمَّا أطال الكلام كلما ازدادت ابتساماتي إلى أن وصلت حد القهقهة التي أثارت تعجبه فصمَت عن الكلام ليترك لي الحق فيه لأصارحه : - أعلم بالضيق الذي اعتراكَ بعدما تُرِكتَ وحيداً ، حتى السفير "السنوسي" غاب ولم يترك لكَ عنوانه ، الاتصالات بينكَ والوزارة المنتمي إليها مقطوعة لأسباب أنتَ جاهل تفاصيلها باستثناء القشور ، حتى كلامكَ يشوبه قلق تطور لإلى خوف عن نفسك وذويك ممَّا طَغَى تصوُّرُه على عقلكَ ، لتتخيَّل أنكَ موضوع في قفصٍ وإن كان دبلوماسي السمات محميّ بقوانين معترف بقوتها عالميا ، إلاَّ أنه قفص لا يحميكَ كما ظننتَ من غضب سلطات جزائرية تكشّر على أنيابها الحادة لافتراس كل مغربي شديد التعلّق بحبِّ وطنه ، المرجو سيادة القنصل العام أن تكون في الطليعة من موقعكَ المُوقَّر المحترم ، مدافعاً وفق إمكاناتكَ وطاقاتكَ وحقوقكَ الدبلوماسية و تذَكَّر أنك محروس بهَيْبَةِ المملكة المغربية الشريفة ، ومن كان مثلكَ محروسا بما لا يقدر أحدا على مسها بسوء ، عليه أن يتحلَّى بالتجلّد الجميل ، والتعقُّل المتين ، وترك الأمور العادية تسير على طبيعتها ، وكل المغاربة المقيمين في هذا البلد الشقيق ، وهم بالآلاف كما تعلم معك ، والنصر صبر ساعة . الآن سيادة القنصل العام  أنا في حاجة فورية لجواز سفر جديد ن الذي شيَّدت سبب زيارتي لك على قاعدة الحصول عليه . نهض من مكانه واتجهنا لقسم لم نخرج منه إلا و الجواز بحوزتي ، بمهنة "فنان / ملحن" مسجّلة فيه حسب رغبتي . رافقني حتى أخر متر من باب الخروج وتعانقنا على أمل اللقاء بعد عودتي من المغرب مباشرة .

... بمقر إقامتي في ساعة متأخِّرة من الليل ، زارني الأخ "عبد القادر" أحد العناصر الأمنية الذي تعرّفتُ عليه  بالملهى الليلي حينما دعاني للسهر داخله الصديق السوري تيسير عقلة ، وأيضاً في مناسبات عديدة داخل المؤسسة ، والمكلَّف كما علِمتُ فيما بعد ، بمراقبتي عن قرب لبواعث ظلت لديّ مجهولة لحين ، سببُ الزّيارة لخّصها في كونه يريد أخذي وقريبة له في سيارته لمدينة وهران  ، الذاهب إليها لشأنٍ عائلي خاص ، ومن هناك اركبُ القطار المُتّجه لمدينة وجدة ، عَمَدَ لمثل الاقتراح لمَّا علِم أنني مسافر للمغرب غداً صباحاً ، بواسطة أصدقاء له في مؤسسة الإذاعة والتلفزة الجزائرية ، حينما كان يسأل عنِّي هناك ،  قَبلتُ دون نقاش، بل شكرته على مثل العناية، وأخبرتُهُ أنني سأكون جاهزاً لذلك مع الساعة السابعة بعد الفجر. بنفس الموعد وجدني أنتظره بباب إقامتي فانطلقنا كل واحدٍ وما يضمره للآخرين بما يهمس لنفسه من أسئلة يحاول إيجاد أجوبة مقنعة لها . أراد خلال الطريق جَرَّ لساني للكلام ، فلم يفلح إلاَّ بالجزء التافه المنعدم الأهمية منه ، ولما غمره اليأس جملة وتفصيلا استبدل الصمت السائد لمدة بنغمات أغاني تبثها إذاعة وجدة الجهوية ، إلى أن توقَّف أمام دكان على مشارف المدينة ، فنزل لابتياع علبة سجائر ، لحظتها مدتني الأخت الجالسة ورائي بغلاف طالبة منّي أن اقرأ ما يحتويه من رسالة داخل القطار المتجه بي صوب ارض الوطن المغرب ، بعد ذلك علي َّ بحرق العلاف والرسالة والصورة المرافقة لهما  ، متمنية لي النجاح والتوفيق فيما اسعي إليه آنياً ومستقبلاً قي البلدين المغرب والجزائر . في أقل من نصف ساعة وبباب محطة السكة الحديدية بوهران ، ودّعتُ السيد "عبد القادر" ومن ترافقه ، تتسابقني الرغبة لاستنشاق هواء بلدي المنعش ، الجاعل كل ما تلقاه صدري من هموم القلق والخوف وما شابههما ، مجرد حدث عابر يلج ذكرى أيام مشحونة بتقديم ما يجعل المغرب وأحبائي المغاربة بعيدين عن شرور حُسَّاد يتقدمهم الرئيس الهواري بومدين .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

 

كالأمْس، غداً تشرق الشَّمْس

كالأمْس، غداً تشرق الشَّمْس بروكسيل : مصطفى منيغ ما استمرَّ نظام حُكمٍ الشَّعب غاضب عليه ، كالحاصل الآن في الجزائر واليمن ولبنان وسوري...